بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين .
وبعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أيها الإخوة المؤمنون : نعم الله تعالى على عباده لكثرتها لا تعد ولا تحصى قال تعالى : [ وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ] ، وواجبنا تجاه هذه النعم أن نشكر المنعم على آله ونعمه التي أسبغها علينا ومن بها علينا ، فبشكر هذه النعم نتقرب إلى مسديها وموليها ، ونضمن بقاءها وبركتها مع الإزدياد والكثرة قال تعالى : [{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } إبراهيم7] فالله سبحانه وتعالى وعد الشاكرين بالمزيد ، والله تعالى لا يخلف الميعاد .
ومن هذه النعم التي يتمتع بها شريحة كبيرة من المجتمع بما فيهم الصغير والكبير والمرأة والرجل ، الهاتف النقال أو المحمول كما يسمونه ، ولا شك أن هذا الجهاز الصغير قد قدم خدمات جليلة للناس ، وفر لهم الوقت و الجهد والمال في بعض الأحيان ، فقد كان الكثير من الناس ربما يقطع المسافات الشاسعة ويطوي الفيافي والقفار من أجل أن يصل إلى مكان معين ليستفسر عن أمر ما ، أو يتفقد شيئا ما ، فأصبح الآن لا يحتاج إلى السفر والتنقل ، بل يكفي أن يستخرج جهازه من جيبه ويضغط على أزراره بأنامله بلمسات خفيفة ويتصل بمن يريد ويقضي مصالحه وبذلك يكون قد وفر الجهد والوقت والمال وقس على ذلك ، ولا نستطرد كثيرا في بيان مزايا هذا الجهاز وتعداد خدماته فالكل يعلمها ، وحتى لا نخرج عن صلب موضوعنا كذلك .
ولكننا ربما نتفق على أن هذا الجهاز نعمة من النعم تستوجب الشكر ، كما أنه لا بد أن نحسن استخدام هذا الجهاز فيما ينفع ، ولا نستخدمه في ما يضر ، لأنه سلاح ذو حدين ، يستخدم في الخير كما يستخدم في الشر ، فمن الناس من يستخدمه في قضاء مصالحه وإدارة تجارته ، والإطمئنان على أصدقائه ، وأهله ، وأقاربه ، ومنهم من يستخدمه في معاكسة الفتيات وهتك الحرمات وسماع الأغاني والرنات ، وتبادل صور النساء واللقطات الجنسية ، فكثير من الشباب يستخدمون الهاتف المزود بالكاميرا الرقمية يجلسون في الطرقات والأماكن العامة وفي الجامعات والمدارس والثانويات يلتقطون صورا للفتيات ثم يتبادلونها مع بعضهم البعض وفي ذلك من المحاطر ما لا يعد ولا يحصى ، فضلا عن انتهاك الحرمات والإعتداء على الأعراض ، وبهذه الإستخدامات المنحرفة أصبح هذا الجهاز الصغير معول هدم وأداة تدمير في أوساط المجتمع ، وتحول من نعمة تستوجب الشكر إلى نقمة أعاذنا الله منها ، وهذه الاستخدامات المنحرفة لهذا الجهاز غير مقتصرة على الشباب الذكور فقط بل هي موجودة حتى عند النساء وخاصة في الأعراس والولائم حيث يجتمع عدد لا بأس به من النساء ، والنساء عندما يكن مع بعضهن البعض يتساهلن في الألبسة ويلبسن الألبسة الفاضحة التي لا تكاد تستر إلا جزءا قيلا من جسمها والحالة هذه تجد وسطهن نساء يلتقطن صورا للنساء وهن على هذه الحالة من العري وعدم الستر ، ثم من التقطت هذه الصور تعرضها على زوجها أو أخيها أو صديقها ثم تتداول هذه الصور في الهواتف النقالة بواسطة البلوتوث أو الأشعة تحت الحمراء ، وتنشر في صفحات الإنترنت ، وربما تصل إلى أب صاحبة الصورة أو زوجها أو أخيها وفي هذه الحالة تصوروا كيف يكون رد فعل هذا الرجل إن كان من أهل الشهامة المروءة عندما يرى صورة ابته أو أخته أو زوجته تروج عبر هذه الأجهزة ، فلا شك أن البيت سيخرب وتسوده الفوضى والإضطراب . والنبي عليه الصلاة والسلام حذر من المرأة التي تنظر إلى امرأة ثم تصفها لزوجها كأنه ينظر إليها ، نهى عن الوصف فكيف بالصوت والصورة .
ونذكر هؤلاء الذين يكشفون الستور ويروجون صور النساء العاريات واللقطات الجنسية بقول الله تعالى [إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب إليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ] .
وإني أنصح النساء بعدم التكشف في الولائم والأعراس حتى لا يكن فريسة وضحية هذه الأجهزة التي يستخدمها من لا يخاف الله تعالى .
ألا فليتق الله من يملك هذه الأجهزة وليراقب ربه ولا ينتهك حرمات الله تعالى ، ثم إن المسؤولية تقع على عاتق الأولياء الذي يشترون لأولادكم هذه الأجهزة ولا يرشدونهم إلى استخدامها الإستخدام الصحيح ولا يراقب ولده ولا بنته ولا يدري من يصاحب ولا من يجالس قال صلى الله عليه وسلم : [كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، والرجل راع في بيت أهل ومسؤول عن رعيته ] . ألا فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنكم موقوفون أمام الله تعالى وسائلكم عن رعيتكم حفظتم أم ضيعتم فأعدوا الجواب للسؤال الذي يطرق أسماعكم .
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين